تشير الدلائل إلى أن منطقة مكة المكرمة، مقبلة على طفرة عقارية كبرى، تتركز في المنطقة المركزية، التي تكتسب مميزاتها الخاصة باحتضانها الحرم المكي، كما تنتشر هذه الطفرة في المناطق المجاورة للمنطقة المركزية، وتتوسع أيضا للمناطق البعيدة عنها، بفعل زيادة الطلب على المنتجات السكنية والتجارية، كما هو الحال في بقية مناطق المملكة. في الوقت نفسه، تسجل الجهات الرسمية، ومن بينها غرفة المنطقة، إحصاءات عقارية، تشير إلى نمو السوق في الفترة الأخيرة، سواء في القطاع السكني أو القطاع التجاري.

ويتفق متخصصون وعقاريون على أن المشروعات العقارية في مكة المكرمة تتواصل بوتيرتها المتصاعدة، محققة نمواً غير مسبوق، بالتزامن مع قرب الانتهاء من أعمال التوسعة التي يشهدها الحرم المكي، والتي على أثرها تم تقليص أعداد الحجاج والمعتمرين في السنوات الماضية، وستتجه السلطات السعودية إلى إزالة هذا التقليص، بزيادة أعداد الزوار من حجاج ومعتمرين، الأكر الذي يتطلب تأمين دور إيواء فندقي لاستيعاب الأعداد المتوقعة.

وتتركز أنظار العقاريين والمستثمرين على المشروعات داخل المنطقة المركزية، التي أكدت أنها استثناء عالمي في طبيعة المشروعات وحجم الاستثمارات الداخلة فيها، وطريقة تنفيذها على أرض الواقع. إذ يرى المستثمرون أن مكة المكرمة بما اكتسبته من مكانة دينية، أصبحت من أفضل الأماكن في المملكة والعالم، لأنها قادرة على اجتذاب أضخم الاستثمارات في القطاع العقاري، ليس هذا فحسب، وإنما أكدوا أن مستقبل هذه الاستثمارات سيأتي بمردود جيد على أصحابها، خاصة بعد الزيادة المتوقعة لعدد الحجاج والمعتمرين.

أسرار الانتعاش

ويقف خلف انتعاش سوق العقار في مكة المكرمة، مشروعات الإيواء الفندقي، التي زاد عليها الطلب في الفترة الأخيرة، وأصبحت تتصدر المشهد العام في السوق، بعد توجه عدد من المستثمرين صوب الجبال الشاهقة، وإزالتها، واستثمار أراضيها في بناء فنادق عليها. ويؤكد المتخصصون زيادة الطلب على خدمات الضيفة والإيواء الفندقي في مكة المكرمة، مشيرين إلى أن توسعة الحرم المكي الحالية، تعد من أكبر التوسعات في تاريخ الحرم المكي، وهو ما لفت الأنظار إلى أهمية سوق العقار في مكة المكرمة، واستثمار الفرص المتاحة في القطاع الفندقي والشقق السكنية.

وينتظر أن تسفر هذه الاستثمارات في مركزية مكة المكرمة عن زيادة القدرة الاستيعابية في قطاع الإيواء في مكة المكرمة، حتى تلبي الطلب المتزايد على الإيواء الفندقي في المواسم المقبلة، خاصة مع الارتفاع المرتقب في عدد زوار مكة المكرمة، من الحجاج والمعتمرين، خصوصاً بعد اكتمال المشاريع التطويرية لمكة المكرمة بما في ذلك توسعة الحرم ومشاريع النقل. ويتوقع مستثمرون عقاريون أن يتجاوز عدد الغرف الفندقية في العاصمة المقدسة 160 ألف غرفة خلال العام الميلادي الحالي، مشيرين إلى أن نسبة إشغال الغرف في الأيام العادية تصل إلى 65 في المئة، وترتفع إلى أكثر من 95 في المئة في مواسم الحج ورمضان.

ونظراً لطبيعة مكة المكرمة التضاريسية، واجه المستثمرون العقاريون عقبات ندرة الأرض البيضاء في المنطقة المركزية، فتحولت أنظارهم نحو المناطق الجبلية، التي يعملون على إزالة الصخور منها بآلات ومعدات ثقيلة تعمل على مدار الساعة، لتجهيز مساحات من الأراضي البيضاء، لإنشاء مشاريعهم الاستثمارية عليها.

وبعيداً عن مشروعات المنطقة المركزية، والاستثمارات الضخمة فيها، كشفت دراسة مركز معلومات غرفة مكة المكرمة التجارية والصناعية، التي صدرت أخيراً أن اجمالي قيمة التداولات في الصفقات السكنية والتجارية العقارية لعام 1435ه سواء كانت ارضا او فيلا او شقة او غيرها بلغ حوالي 63.8 مليار ريال، منها 53.7 مليار ريال سعودي للسكني 10.1 مليار للتجاري، واما في عام 1434ه فإجمالي قيمة التداولات قدرت بنحو 52,2 مليار ريال للسكني، و 9.4 مليارات سعودية للصفقات التجارية.

وقالت الدراسة: “اذا وضعنا في الحسبان ان مقدار التفاوت بين اجمالي العمليات الشهرية لعام 1435ه هو 1,8 مليار، والارقام تشير ايضًا إلى ان متوسط قيمة العمليات الشهرية العقارية في مكة المكرمة هو 4,8 مليارات، والتباين بين متوسط اسعار المتر بين المنطقة المركزية وبقية الأحياء الأخرى، نجد ان الارتفاع الحاصل في السيولة العقارية في القطاع السكني او التجاري هو احصائيًا غير مؤثر، لكن في الوقت ذاته المؤشر العام يوجهنا الى ان هنالك استقرارا في السوق”.

وتستحوذ الاراضي وفقا لتقرير مركز معلومات غرفة مكة، على نصيب الاسد من اجمالي التعاملات العقارية سواء كانت تجارية او سكنية، حيث تمثل 82 في المئة من اجمالي التعاملات العقارية، وهي نسبة كبيرة جدا تدل على شعبية الاراضي في السوق العقارية، ويأتي في المرتبة الثانية الشقق العقارية بنسبة 6.87 في المئة من اجمالي التعاملات العقارية، ثم الاراضي الزراعية 4.18، الفلل 3.08 في المئة، ثم تأتي بنسب ضئيلة جدا مثل المعارض او المحلات والبيوت والعمائر.